أزمة ميسي مع برشلونة و قرار الرحيل سنة 2020

إسبانيا, منذ 3 عام و 10 شهر هيئة تحرير

بدا رحيل البرغوث عن برشلونة بداية عام 2020 الأقرب إلى الواقع، لكن هذا العام الاستثنائي أبقى على النجم الأرجنتيني ليونيل مسي كواحد من أبرز نجوم "الفريق الواحد"، بيد أنها نتيجة مفتوحة على جميع الاحتمالات.

 

بعد سنوات طويلة ساد فيها الاعتقاد بأن نجم كرة القدم الأرجنتيني الدولي ليونيل ميسي سينهي مسيرته الكروية في صفوف نادي برشلونة الإسباني ليكون أحد أبرز نجوم « الفريق الواحد »، أكد عام 2020 أن ميسي قد يبدأ طريقه إلى أحد المنافسين على أطلال هذه التوقعات.

 

وكشفت الشهور القليلة الماضية الغطاء عن أزمة حقيقية بينميسي وناديه لم تكن وليدة الصدفة وإنما هي نتاج العلاقة غير الطيبة بين ميسي وجوسيب ماريا بارتوميو، المستقيل من رئاسة النادي وسط الضغوط المتراكمة عليه نتيجة أزمة ميسي.

 

بداية الحكاية

 

قبل شهور قليلة، استحوذ ميسي على عناوين التقارير الإعلامية. هذه المرة لم تكن بفضل عروضه القوية في الملعب أو أهدافه الخيالية والغزيرة، وإنما كانت بسبب أزمته مع برشلونة والتي جعلته الهدف الأبرز لعدد من الأندية الأوروبية الكبيرة في فترة الانتقالات الصيفية الماضية (الميركاتو الصيفي).

 

وسائل الإعلام كانت هي من فجّر الأزمة مبكراعندما ذكر تقرير إعلامي في فبراير الماضي أن إدارة برشلونة برئاسة بارتوميو اتفقت مع شركة « آي 3 فنتشرز » لإدارة حسابات إلكترونية على شبكات التواصل الاجتماعي لتحسين صورة مجلس الإدارة برئاسة بارتوميو من ناحية، والكشف عن مدى تورطها في الإساءة لسمعة عدد من نجوم وأساطير النادي مثل ميسي وزميله المدافع جيرارد بيكيه والنجم السابق للفريق تشافي هيرنانديز والمدرب جوسيب غوارديولا المدير الفني الأسبق للفريق وبعض المرشحين المحتملين لرئاسة النادي في الانتخابات المقررة خلال 2021.

 

وبعد شهور من الجدل بشأن هذه الأزمة أعلن نادي برشلونة في يوليوز الماضي أن نتائج التحقيقات التي أجرتها شركة « برايس ووترهاوس كوبرز » للمحاسبة، بهذا الشأن، برأت الإدارة من إدعاءات تنظيم حملة تشويه بحق رموز مهمة للنادي.

 

وذكر نادي برشلونة أن شركة المحاسبة خلصت « في التعاقد المتعلق بمتابعة وتحليل حسابات التواصل الاجتماعي، لم يوجه برشلونة بشنّ أي حملة تشهير بحق أي شخص ».

 

كذلك كشفت عملية التدقيق أن برشلونة لم يدفع ما يزيد عن أسعار السوق مقابل الحصول على خدمات شركة « آي 3 فنتشرز ».

 

ولكن هذا لم يحجب حقيقة الأزمة بين ميسي وإدارة بارتوميو خاصة مع تفاقم مشاكل النادي المالية نتيجة تبعات أزمة تفشي الإصابات بفيروس « كورونا » المستجد من ناحية، ثم السقوط المدوي في دوري أبطال أوروبا بالهزيمة الثقيلة 2 / 8 أمام بايرن ميونيخ الألماني في دور الثمانية للبطولة.

 

سواريز..القطرة التي أفاضت الكأس

 

وفي الوقت الذي سادت فيه التوقعات بإجراء تغييرات جذرية في النادي الكتالوني قد يكون منها رحيل بارتوميو نفسه من منصب رئيس النادي ضمن ثورة تصحيح شاملة، أشعل بارتوميو فتيل أزمة أكبر بشكل ليس هناك ما يؤكد أنه كان متعمّدا.

 

فبالتزامن مع بداية مسيرة المدرب الهولندي رونالد كومان المدير الفني الجديد للفريق، أطاح بارتوميو وكومان بعدد من نجوم الفريق في إطار خطة إعادة بناء الفريق. وكان من بين هؤلاء النجوم الكرواتي إيفان راكيتيتش والتشيلي أرتورو فيدال والأوروغوياني لويس سواريز.

 

وكان رحيل سواريز بمثابة شرارة الأزمة الجديدة بين ميسي وإدارة بارتوميو لاسيما وأن المهاجم الأوروغوياني الدولي سواريز هو الصديق المقرب إلى ميسي كما أن مستوى سواريز لم يكن بالشكل الذي يدفع برشلونة إلى الإطاحة به بهذه السرعة مع قدوم كومان إلى القيادة الفنية للفريق، ويظهر الدليل على هذا من المستوى الجيّد الذي يقدمه اللاعب حاليا مع فريق أتلتيكو مدريد الإسباني. وتردد أن سواريز علم بالاستغناء عنه من خلال مكالمة هاتفية لم تستغرق سوى 30 ثانية.

 

وربما شعر ميسي بأن الاستغناء عن سواريز هو بمثابة ضربة موجهة إليه من خلال التخلص تدريجيا من بعض اللاعبين المرتبطين به بهدف إضعاف مستوى هيمنته على الفريق.

 

ولهذا، طالب ميسي إدارة النادي بعدها مباشرة بالسماح له بالرحيل عن صفوف الفريق خلال صيف 2020 وقبل بداية الموسم الأخير في عقده الحالي مع النادي.

 

الرغبة في الرحيل

 

استند ميسي في رغبته على بند يتضمنه عقده، يتيح له الرحيل عن برشلونة عقب نهاية كل موسم بشرط إبلاغ إدارة النادي برغبته في غضون أيام قليلة عقب انتهاء فعاليات الموسم. لكن إدارة النادي أكدت أن الوضع الاستثنائي للموسم الماضي 2019 / 2020 لا يعني تغيير موعد تفعيل هذا البند الذي يسري فقط حتى نهاية ماي الماضي في حين أن ميسي أبلغ الإدارة في غشت برغبته في الرحيل.

 

وتمسكت إدارة النادي بالحصول على قيمة الشرط الجزائي في عقد اللاعب إذا أراد الرحيل عن صفوف برشلونة قبل انتهاء عقده، والتي تصل إلى 700 مليون يورو (نحو 825 مليون دولار).

 

وكان مانشستر سيتي الإنجليزي بقيادة جوسيب غوارديولا المدير الفني الأسبق لبرشلونة وصاحب العلاقة الوطيدة بميسي، وباريس سان جيرمان الفرنسي المملوك لقطر وإنتر ميلان الإيطالي صاحب المشروع الجديد في إعادة بناء فريقه لاستعادة أمجاد الماضي، في مقدمة الأندية الأوروبية المرشحة لخطف ميسي بخلاف بعض التكهنات التي رجحت إمكانية رحيل ميسي إلى الدوري الصيني أو نظيره الأمريكي بسبب الأزمة المالية التي تعانيها الأندية الأوروبية من تبعات جائحة كورونا.

 

ولكن شيئا من هذا لم يتم في ظل تمسك برشلونة بالحصول على قيمة الشرط الجزائي الخرافي في عقد اللاعب ودعم رابطة الدوري الإسباني (لا ليغا) للنادي في تفسيره القانوني الخاص بأن فترة تفعيل بند الرحيل لميسي انتهت بالفعل. ولهذا، ظل ميسي في برشلونة وأصبح الجدل بشأن رحيله في فترة الانتقالات الصيفية بمثابة ضجيج بلا طحين.

 

استقالة بارتوميو لن تغير الكثير

 

على الرغم من استقالة بارتوميو في أكتوبر الماضي تخوفا من طرده من خلال التصويت الذي كان مزمعا إجراؤه في الفترة الماضية على سحب الثقة منه، لا يزال الوضع بين ميسي وبرشلونة على المحك لاسيما في ظل قناعة بعض المرشحين لرئاسة النادي أو المتابعين له بأنه كان من الضروري ترك ميسي يرحل في الميركاتو الصيفي مع تخفيض قيمة الشرط الجزائي للاستفادة من المقابل المالي بدلا من تركه يرحل عن صفوف الفريق بعد نهاية الموسم الحالي بلا أي استفادة مالية.

 

ويستطيع ميسي التوقيع مع أيّ نادٍ آخر في يناير المقبل دون موافقة برشلونة للانتقال من النادي الكتالوني إلى الوجهة التي يريدها في صفقة انتقال حر عقب نهاية الموسم.

 

ومن ثم، ربما أصبح مستقبل ميسي مع برشلونة مرهونا بهوية الرئيس الجديد للنادي الكتالوني، والذي ستسفر عنه الانتخابات المزمع إجراؤها في يناير المقبل.