نجح أتلتيكو مدريد ببراعة هذا الموسم في حبس أنفاس عملاقي الليغا الإسبانية، برشلونة وريال مدريد.
وصفة النجاح تبدأ بطبيعة الحال من المحنك سيميوني، لتمتد إلى أربعة أسماء برزت بقوة ودون جدال.
في خضم سباق سريع حبس الأنفاس، حطّم أتلتيكو مدريد هيمنة الثنائي « جاره » وغريمه اللدود ريال وبرشلونة على الدوري الإسباني لكرة القدم، في عودة إلى القمة بُنيت حول الثلاثي من بين كُثر: مدربه الأرجنتيني دييغو سيميوني وحارسه السلوفيني يان أوبلاك والوافد الجديد لويس سواريس.
« كبيرهم الذي علمهم السحر »
في يناير المقبل، سيحتفل لاعب أتلتيكو السابق على مرور 10 سنوات على جلوسه على مقاعد المدربين مع « روخيبلانكوس »، في انجاز قلّ نظيره لنادٍ أوروبي من هذا المستوى.
عرف سيميوني كيف يُعيد ابتكار نفسه ليقود أتلتيكو مجدداً إلى قمة « الليغا » بعد 7 أعوام من لقبه الأخير، وتحديداً في عام 2014.
يشتهر سيميوني بأسلوبه الدفاعي المغلق والخالي من الاستعراض، إلا أنه ردد مرات عدة في العلن أن 2019-2020 هو موسم انتقالي بعد رحيل العديد من « كوادره » المهمة على غرار الأوروغوياني دييغو غودين والمهاجم الفرنسي أنطوان غريزمان ومواطنه المدافع لوكا هرنانديز.
هذا الموسم، تجرأ سيميوني على التلاعب بمراكز لاعبيه أمثال ماركوس يورنتي والفرنسي توما ليمار والمهاجم البرتغالي جواو فيليكس، وراهن على « كسر » أسلوبه المعتاد 2-4-4 لصالح خطط أكثر إبداعا مع ثلاثة مدافعين على سبيل المثال مع الكثير من النجاح.
« انتقام العضاض »
كانت صفقة انتقال لويس سواريس من برشلونة إلى أتلتيكو الأهم في « الليغا » في هذا الموسم على الإطلاق.
ولم يتأخر المهاجم الأوروغوياني في إثبات خطورته التهديفية في العاصمة مدريد وسوء قرار برشلونة بالتخلي عنه: منذ المرحلة الأولى من الدوري سجل ثنائية في مباراة سحق فيها غرناطة 6-1.
غادر سواريس برشلونة من الباب الضيّق ومن دون حفل وداع بسبب تداعيات فيروس كورونا، ليبرهن للنادي الكاتالوني انه كان مخطئا بالتخلي عنه. ففي حين عانى برشلونة متأخراً بفارق 12 نقطة عن أتلتيكو المتصدر في دجنبر 2020، كان سواريس يتربع على قمة الهدافين.
وعلى الرغم من تخليه عن قمة الهدافين لصالح زميله السابق وصديقه قائد برشلونة الأرجنتيني ليونيل ميسي (30 هدفاً للبرغوث الصغير مقابل 21 للأوروغوياني)، إلا أن سواريس البالغ 34 عاماً نجح في الانصهار مع فريقه الجديد، مبرزاً صفاته القتالية التي دافع عنها سيميوني وتعاون بأفضل صورة ممكنة مع البرتغالي فيليكس وزملائه الآخرين في الهجوم.
أوبلاك..صمام الأمان
نجح سيميوني في بث بذرة التألق في اللعب الهجومي للـ « روخيبلانكوس »، دون أن يؤثر ذلك على مستوى خط دفاع يعتمد على ركيزة من طراز صلب، والمتمثلة في الحارس السلوفيني يان أوبلاك، أحد المراشحين البارزين للفوز هذا الموسم بجائزة « زامورا » لأفضل حارس في الدوري.
لم تهتز شباكه في 18 مباراة، تصدياته الإعجازية في بعض الأحيان غطت على أقرانه من الحراس ومنافسيه على الجائزة، على غرار البلجيكي تيبو كورتوا (ريال مدريد) والألماني مارك أندري تير شتيغن (برشلونة). حاليا، أوبلاك هو الحارس الأغلى عالمياً حيث تقدر قيمته بحوالي 90 مليون يورو.
« ضربة معلم »
إلى جانب هذا الثلاثي، يبرز الموهبة ماركوس يورنتي، الذي كان في موسم 2020-2021 من أكثر المتألقين بين صفوف أتلتيكو.
« خطفه » النادي من الريال في عام 2019 ليعيد سيميوني تمركزه كلاعب على الجناح الأيمن أو مركز الوسط المهاجم بعدما نشأ كمدافع على الرواق الأيمن.
وذلك للاستفادة بشكل أفضل من صفاته وسرعته في المواجهات الفردية.
هي « ضربة معلم » من سيميوني الذي شاهد نجمه الشاب يسطع على أعلى المستويات.
في هذا الموسم، خاض يورنتي (26 عاماً) 37 مباراة في « الليغا » وسجل 12 هدفاً ومرر 11 كرة حاسمة.
ارتفعت قيمته السوقية من 16 مليون يورو في بداية عام 2020 إلى 70 مليوناً اليوم، بحسب موقع « ترانسفيرماركت » الألماني المتخصص في تحديد القيمة التسويقية للاعبين.
المحرِّك ليمار
يعتبره سيميوني « أكثر اللاعبين تقنياً في الفريق »، وقد فرض الفرنسي توما ليمار نفسه أساسياً في التشكيلة في هذا الموسم.
حصر الفرنسي دوره في الملعب على الجناحين لفترة طويلة، إلا انه اقنع مدربه بمنحه حرية اللعب في المحور، كلاعب خط وسط مهاجم، وهو مركزه المفضل.
ونجح في رهانه: صفاته التقنية وقدمه اليسرى ساهمت في زيادة نجاعة هجوم الفريق ما جعل منه الرابط الأساسي بين الدفاع والهجوم.
وإلى جانب مواطنه جيوفري كوندوغبيا والبلجيكي يانيك كاراسكو، يبدو أن ليمار وجد نفسه مع أتلتيكو في موسم سمح له بحجز مقعده مع منتخب بلاده الذي يستعد لخوض نهائيات كأس أوروبا 2020 المقررة في الصيف والمؤجلة من العام الماضي بسبب فيروس كورونا.